بعد الثورة التونسية وهروب زين العابدين بن علي توالت الثورات في العالم العربي ابتداءً من مصر وليبيا مروراً بسوريا وليس انتهاءً باليمن ، تشابهت بداية هذه الثورات فقد كانت شبابية تنادي بإسقاط الأنظمة القمعية ، ولكنها ما لبثت أن تغيرت مآلاتها واختلفت أوجهها لأسباب كثيرة حاول المحللون السياسيون الوصول إليها .
والآن وبعد مرورأكثر من ثلاث سنوات على ثورات الربيع العربي وبنظرة فاحصة إلى ما آلت إليه الحالة السياسية والعسكرية في اليمن يمكننا أن نسميها وبتبسيط شديد ( صراع الأحلام ) فاليمن بمساحتها التي تتجاوز نصف المليون متر مربع وبعدد سكانها البالغ أربعة وعشرين مليون نسمة نجد أنها تحوي مزيجا جاهزاً للفرقة والإختلاف إن غابت الحكمة اليمانية ، فهناك الشمال والجنوب ، وهناك الشيعة والسنة ، وهناك مؤيدو ومعارضو الثورة الشبابية ، وهناك الأحزاب المختلفة سواء على أساس قبلي أو مناطقي أو أيدلوجي ، كما وأن هناك القاعدة ، فتعالو نستعرض أحلام أهم هذه الفئات المتصارعة .
الحوثيون الشيعة : رغم أن عددهم لا يتجاوز 15% من عدد سكان اليمن إلا أن حلمهم مغرق في عدم واقعيته فهم وإن لم يعلنوها صراحةً فحلمهم الأكبر هو عودة النظام الإمامي البائد ، ولكن يبدو من الوقع السياسي الحالي أنهم سيرضون بدولة جمهورية تكون تحت سيطرة بنادقهم سواء كان الحاكم واحدا منهم أو دمية تحرك من قبلهم ، وأكثر ما شجعهم على المضي قدماً في تحقيق أحلامهم رغم صعوبة تحقيقها على أرض الواقع الدعم اللا محدود الذي يتلقونه من إيران وخيانة الجيش اليمني الذي أثبت أن ولائه للمخلوع علي عبد الله صالح أقوى من ولائه للوطن ، وغفلة دول المنطقة عن حقيقة ما يجري في اليمن بانشغالهم في محاربة الإخوان المسلمين ، ويبدو من مستجدات الوضع أن الحوثيين الشيعة هم الأقرب إلى تحقيق حلمهم على المدى المنظور وإن كان الاحتفاظ بهذه المكتسبات على المستوى البعيد أقرب ما يكون إلى الاستحالة .
المخلوع علي عبد الله صالح : إن الحلم الوحيد للرئيس السابق هو أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء إلى ما قبل الثورة الشبابية حيث كان يخطط وبمكر ودهاء لتوريث الحكم من بعده لنجله أحمد صالح ، ويضرب لنا المخلوع مثالا حياً في التمسك بالحلم بجنون ووحشية غريبة رغم منافاتها للعقل والمنطق ، وسلوك كل السبل الغير أخلاقية في تحقيق هذا الحلم أو حتى مجرد الإقتراب منه دون تحقيقه ، وما شجعه على الاستمرار في هذا الحلم المرضي هو سيطرته الشبه كاملة على القيادات العليا للجيش اليمني ، وتحالفه الخفي الظاهر أحيانا مع بعض دول الخليج المصابة بما يمكن تسميته بالإخوانفوبيا ، ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وظهور التسريبات الصوتية التي تثبت تورط علي صالح في تسليم اليمن للشيعة يبدو أن حلم عودته أو عودة نجله بدأت تتلاشا لتصبح سراباً .
شباب الثورة : إن حلم شباب الثورة في اليمن في تحقيق العدالة والديمقراطية والعيش الكريم هو الذي كان وقوداً لتحركاته على مدى أشهر في وجه القمع والقتل بصدور عارية وسلمية غريبة حتى أسقطوا نظاماً تشبت بالحكم لأكثر من ثلاثين عاماً ، وهؤلاء الشباب وإن خذلتهم الأحزاب السياسية في تحقيق أحلامهم إلا أنهم هم من يعول عليهم في إيقاف العربدة الحوثية .
بقي أن نقول أنه وإلى جانب هذه الأحلام المتصارعة هناك أحلام لدى جهات يمنية عدة تنتهز الفرصة المواتية لتنظم إلى الصراع إن لم تكن قد بدأته بالفعل ، إنه حقاً صراع الأحلام .