الموت هو السهم الوحيد الذي لا يخطيء الإنسان ، فمصير البشر جميعهم
الموت مهما طال العمر وامتدت بهم الحياة ، والموت مهما أحزن القلب وفطر الفؤاد
فإنه يضل في الغالب مقبولاً لأن البشر كلهم يؤمنون أنه الكأس الذي على الجميع
تجرعه ، ولكن طريقة الموت هو الذي يحدث الفرق .
بالأمس نقلت لنا وسائل الإعلام العالمية نبأ استشهاد العلامة محمد
سعيد رمضان البوطي أثناء تواجده في مسجده لإلقاء الدرس وقد استشهد معه في هذه
الحادثة خمسة وأربعون مدنياً قتلو بطريقة بشعة حيث تمزقت أجسادهم أشلاء تناثرت في
أرجاء المسجد ، وعلى الفور أعلن نظام بشار عن الحادثة على أنها عملية إنتحارية
نفذها الجيش الحر إلا أن الجيش الحر نفى مسئوليته عن الحادثة ، والسؤال الذي يطرح
نفسه هل ما نقله الإعلام الرسمي في سوريا حقيقة أم أنها مسرحية رخيصة ؟
إننا ومن خلال متابعتنا لواقع الأحداث المؤلمة في سوريا متأكدون بما
لا يدع مجالاً للشك بأن النظام السوري هو من ارتكب هذه الجريمة البشعة ، وما
تناقلته وسائل الإعلام ليس سوى مسرحية مبكية راح ضحيتها عالم بلاد الشام الشيخ
البوطي رحمه الله ، وذلك للأسباب التالية :-
1 – ليس من عادة الجيش السوري الحر الهجوم على المساجد والمصلين ،
فعلى مدى سنتين من المقاومة لم يسجل هجوم واحد قام به الجيش الحر على المساجد ،
بينما النظام المجرم في سوريا قام بهدم أكثر من ثمانمائة مسجد حتى الآن في أنحاء
سوريا .
2 – إن حي المزرعة حيث مسجد الإيمان الذي وقع فيه التفجير المزعوم يقع
في منطقة محصنة جداً من قبل الكتائب الأسدية ومن الصعوبة تمرير هذه الكمية من
المتفجرات التي مزقت أكثر من 45 شخصاً أشلاء وجرحت أكثر من ستين آخرين .
3 – بمنطق من المستفيد من وراء هذه العملية ، فإن قتل الإمام البوطي
لا يحمل أي معنى للنصر بالنسبة للجيش الحر ، بل العكس تماماً فهو يسيء إلى سمعتها
ويعرضها لخلاف عميق مع الطائفة الكردية التي ينتمي إليها الشيخ البوطي ، عليه فإن
المستفيد الوحيد من هذه الحادثة هو النظام الأسدي المجرم .
الحقيقة
إن الغريب الذي لاحظه كل من شاهد ما بثته قناة النظام وتناقلته
الفضائيات هو بالرغم من قوة الإنفجار وكثرة الضحايا إلا أنه ليس ثمة أية آثار
للحريق ، حتى سجاد المسجد لم يتمزق ولم يصب بأية حروق وكذلك المسجد ، بينما
المعروف في مثل هذه التفجيرات تعرض المبنى حيث يقع الحادث إلى أضرار جسيمة وربما
تهدم جانب منه وهذا ما لم يحدث البتة ، أما تساقط بعض دواليب المصاحف فليس إلا
لإكمال المشهد على أنه تفجير .
والحقيقة كما ذكره البعض أن الشيخ قد خطفته آياد الغدر قبل يوم من
الحادث لتقوم بإعدامه مع عدد من المعارضين لحكم بشار لتقوم بنثر دمائهم وأشلائهم
في المسجد على أنه تفجير ، خاصة أن أقرب المقربين إلى الشيخ أكدو أن الشيخ بدأ
يتراجع عن مواقفه السابقة في تأييد النظام ، كما أنها رسالة موجهة إلى الزعيم
الكردي عبد الله أوجلان الذي أعلن في عيد النيروز تراجعه عن قتال الدولة التركية
بالسلاح ، رسالة إليه على أن الحكومة التركية تساعد الجيش الحر الذي لا يتورع عن
قتل العلماء الأكراد في يوم عيد النيروز.
رحل
الشيخ البوطي مقتولاً عن عمر يناهز الأربعة والثمانين عاماً ، ولعله نال الشهادة
الذي يتمناه العلماء ، فرحم الله شيخنا البوطي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق