تختلف آراء المحللين في
مسألة السد بين من يعطي أثيوبيا حق الاستفادة من نهر النيل بغض النظر عن الضرر
الذي قد يصيب دول المصب وأهمها مصر ، وبين من يعطي مصر الشرعية في أي تحرك قد تقوم
به كي تحافظ على حصتها التي منحتها اتفاقية عام 1929 و1959 بين مصر والسودان والتي
تعطي مصر في المجمل 55.5 مليار متر مكعب من المياه دون النظر إلى حق أثيوبيا في
التنمية .
وبعيدا عن التشعبات السياسية والاقتصادية للملف ودخول بعض الأيادي
الخفية في تأجيج الصراع وتأثيرات الواقع السياسي المحلي لكلا الدولتين على النزاع
القائم فإن النظر إلى لب المسألة من منظور محايد وبموضوعية تامة يجعلنا نصل إلى
النقاط التالية .
-
عانت
أثيوبيا خلال عشرات العقود الماضية من الفقر ونقص التنمية ، وبناء سد النهضة يمثل
لها فرصة حقيقية لمحاربة الفقر وتوجيه مؤشراتها الاقتصادية نحو الأعلى من خلال الاستفادة
من الطاقة الكهرومائية التي سينتجها السد وكذلك من خلال المشاريع التنموية الأخرى
التي يمكن إقامتها على بحيرة السد ، وأي تجاهل لهذه الحاجة الماسة للتنمية في
أثيوبيا يعتبر مجحفا في حقها .
-
تعتبر
مصر هبة النيل كما قيل قديما والواقع اليوم يؤكد هذه المقولة ، فنهر النيل يعتبر
المصدر الوحيد للمياه في مصر وإذا كانت حصتها من ماء النيل قد حددت بـ 55.5 مليار
متر مكعب في عام 1959 حيث كان عدد سكانها لا يتجاوز 30 مليون نسمة فإنها وفي الوقت
الحاضر أحوج ما تكون إلى كمية أكبر من ذلك وقد تجاوز عدد سكانها ال 100 مليون نسمة
وأي تجاهل لهذه الحاجة المائية الضرورية يعتبر تجاهلا لحق شعب في الحياة .
-
من
خلال مبدأ ( لا ضرر ولا ضرار ) على قيادة البلدين الجلوس على طاولة المفاوضات
والتصرف بشكل متحضر والتنازل عن بعض النقاط الأساسية التي يعتقد أنها من حقه ،
فعلى الحكومة الأثيوبية الأخذ بعين الاعتبار الضرر الذي سيلحق بمصر من إصرارها على
تقليل فترة ملء السد ، كما وعلى مصر تقديم يد المساعدة إلى الشعب الاثيوبي في
محاربته للفقر من خلال العديد من المجالات التنموية والتعليمة ... الخ
يجب على مصر والسودان واثيوبيا معرفة أن نهر النيل الذي يربط بينهم
يعتبر بمثابة حبل سري يوحد ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم وأنهم فقط بالتعاون فيما
بينهم يمكنهم تحقيق مستقبل أفضل لشعوبهم وأي تجاهل لهذه المسألة فلن تؤدي إلا إلى
الدمار .